دردشة صباية وشباب سوريااليوم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
بحـث
 
 

نتائج البحث
 


Rechercher بحث متقدم

المواضيع الأخيرة
» شركات نقل العفش
من روائع الأدب العالمي ( العرّاب ) Emptyالجمعة يناير 12, 2024 2:45 am من طرف شركة الزهور

» شركات نقل الاثاث فى المعراج 01009665850
من روائع الأدب العالمي ( العرّاب ) Emptyالخميس مارس 02, 2023 5:04 am من طرف شركة الزهور

» شركات نقل الاثاث بالظاهر 01009665850
من روائع الأدب العالمي ( العرّاب ) Emptyالخميس مارس 02, 2023 4:56 am من طرف شركة الزهور

» شركات نقل الاثاث بحى الاندلس 01090216656
من روائع الأدب العالمي ( العرّاب ) Emptyالخميس مارس 02, 2023 4:46 am من طرف شركة الزهور

» شركة نقل اثاث بطيبة جاردنز و فلورنتا 01009665850
من روائع الأدب العالمي ( العرّاب ) Emptyالخميس مارس 02, 2023 2:40 am من طرف شركة الزهور

» شركات نقل الاثاث بنيو جيزة 01009665850
من روائع الأدب العالمي ( العرّاب ) Emptyالخميس مارس 02, 2023 2:36 am من طرف شركة الزهور

» شركات نقل الاثاث بالكردى 01090216656
من روائع الأدب العالمي ( العرّاب ) Emptyالخميس مارس 02, 2023 2:23 am من طرف شركة الزهور

» شركات نقل الاثاث بطلخا 01009665850
من روائع الأدب العالمي ( العرّاب ) Emptyالخميس مارس 02, 2023 2:18 am من طرف شركة الزهور

» شركات نقل الاثاث بمنشية ناصر 01090216656
من روائع الأدب العالمي ( العرّاب ) Emptyالخميس مارس 02, 2023 2:14 am من طرف شركة الزهور

التبادل الاعلاني
احداث منتدى مجاني

من روائع الأدب العالمي ( العرّاب )

اذهب الى الأسفل

من روائع الأدب العالمي ( العرّاب ) Empty من روائع الأدب العالمي ( العرّاب )

مُساهمة  ماستر الخميس نوفمبر 10, 2011 1:01 pm

اسم الكتاب : رواية العرّاب
المؤلف : ماريو بوزو
الناشر : دار الحافظ للكتاب / حلب
عدد الصفحات 160
السعر : 100 ل.س
الحجم : 17 × 24

من هذه الرواية

الفصل الأول
الدفاع عن الشرف:
جلس >أميريغو بوناسيرا< في قاعة محكمة نيويورك البدائية الثالثة، بانتظار صدور الحكم على الشابين الذين أدميا ابنته بشكل وحشي وحاولا أن يلوثا شرفها بعملهما الفظيع.
ودخل القاضي وجلس في منصة الحكم، وكان رجلاً سميناً يثير الرهبة والخوف، وأخذ يكف كمَّي ثوبه الفضفاض كأنما يستعد ليوقع عقاباً قاسياً بيديه على الشابين المتهمين المنتصبين أمامه، ورمقهما بنظرة متعالية وكان يرتسم على قسمات وجهه احتقار بارد، غير أن >بوناسيرا< لاحظ أن شيئاً مصطنعاً في مظهر القاضي وفي تصرفاته، ولكنه لم يهتدي إلى تفسيره!
وصرخ القاضي بصوت ساخط في الشابين المتهمين قائلاً:
ـ إن تصرفكما كان تصرف أشخاص فاسدين منحلين من أسوأ جنس!
فقال بوناسيرا لنفسه:
صحيح.. صحيح.. تصرف وحوش.. تصرف كلاب! فأحنى الشابان رأسيهما في مذلة ومهانة وندم وبدا واضحاً شعر رأسيهما اللامع والممشط جيداً، وكانا حليقين أنيقين يلمعان كقطعة نقد جديدة.
واستأنف القاضي صراخه قائلاً: إن تصرفكما مع هذه الفتاة الطيبة كان تصرف وحوش في غابة، ومن حسن الحظ أن الفتاة عرفت كيف تدافع عن شرفها وتتخلص منكما، ولولا ذلك لكان الحكم عليكما بالسجن عشرين عاماً!!
ونظر القاضي بعد ذلك من تحت حاجبيه الكثيفين إلى بوناسيرا هذا الرجل الإيطالي الذي اكتسى وجهه لون الخضرة لشدة انفعاله، ليرى تأثير كلماته ووقعها على أذنيه، ثم عاد يقلب الملفات الموضوعة أمامه، وكانت مجموعة من التقارير لصالح الإفراج عن الشابين على أن يوضعا تحت المراقبة للتأكد من سلوكهما!!
الحكم:
واستأنف القاضي صراخه، كأنما كان يستجيب لما تقوله التقارير على مضض، قائلاً:
ـ نظراً لصغر سنكما، ولعائلتيكما المحترمتين، وحيث أنه لم يسبق لكما أن حكمتما من قبل، ولأن القانون لا يهدف في أحكامه إلى الثأر من أحد وإنما ينشد العدالة، فقد حكمت عليكما بالحجر ثلاثة أعوام في السجن، مع وقف التنفيذ!!
غضب (بوناسيرا) من رأسه إلى قدميه، ولكنه أخفى ذلك في نفسه، تعود خلال أربعين عاماً من عمله الذي لم يفارقه ليل نهار، وهو عمل حزين وبائس على رباطة جأش، >فبوناسيرا< متعهد دفن موتى وملتزم مواكب الجنازات، غير أن ابنته الجميلة والحبيبة جداً إلى نفسه راقدة في المستشفى جريحة محطمة الفك مثقوبة الخد بخيوط رأب الجروح، بينما يطلق سراح الشابين الذين اعتديا عليها ذلك الاعتداء الوحشي، وهو شيء لم يحتمله بوناسيرا ولكنه كتم غيظه وأخذ يكز على أسنانه بمنديله، وهو يرى أقرباء الشابين وأهلهما يحيطون بهما عند خروجهما من قاعة المحكمة، وقد بدا السرور عليهم، وتقدم حاجب المحكمة وأمامه وكلاء الدفاع وأحاطوا بالشابين وأقربائهما ومروا جميعاً من أمام بوناسيرا الذي كان ما يزال يضغط بالمنديل على فمه وعلى عينيه وقد استبد به الغضب، ولكنه كان رجلاً يحترم النظام والقانون منذ وصوله إلى أميركا، وقد حقق له ذلك النجاح في عمله والرخاء في عيشه، غير أن ما حدث جعل النار تغلي في رأسه وصرخ في وجوههم وهم يغادرون الممر الرئيسي قائلاً:
حذار.. فسوف تبكون كما أبكي بسبب جريمة ولديكم الشريرين!
وتمثل (بوناسيرا) نفسه وهو يشتري مسدساً ويثأر به من المعتدين على ابنته، والتفت إلى زوجته التي كانت تقف بجانبه في تلك اللحظة وقال لها:
ـ ألا ترين أنهم قد سخروا منا!!
غير أن زوجته لم تكن قد عرفت شيئاً مما حدث، ووقف متعهد دفن الموتى وهو صامت على مضض، وقرر أن يثأر لابنته من هذين الدنيئين مهما كان الثمن الذي سيكلفه، وقال في نفسه:
ـ كي نسترد كرامتنا وحقنا لا بد أن نزحف على ركبنا ونقابل >الدون كورليون< ونشرح له ما وقع!!
خيانة زوج جوني:
في فندق من فنادق >لوس انجلوس< وفي شقة باذخة، كان >جوني فونتان< يطفئ غيرته في سيل من >الويسكي< مثل أي زوج مخدوع محتقر من زوجته الفاجرة التي لا يعرف في أحضان من هي الآن!؟
واسترخى على مقعده الطويل وهو يعب من (الويسكي) بلا وعي وينظر إلى ساعته بانتظار عودة زوجته، فقد بلغت الساعة الرابعة ولم تعد بعد.
وبينما كان يغرق وجهه وذقنه في ماء مثلج ليستعيد شيئاً من وعيه وليفكر جيداً كيف سيقتلها هذه الفاجرة اللعينة، وليبعد حالة من الغثيان تستبد به، فكر بأن يتصل هاتفياً بزوجته الأولى ليتحدث إليها ويسألها عن ولديه، ولكن الوقت كان متأخراً.. وفكر أن يتصل بأصدقائه.. ولكن أي أصدقاء هؤلاء الذين يريد أن يتصل بهم، بعد أن بدأ يخسر مهنته التي كانت تسحر أصدقاءه فيتمنون أن يتحدث إليهم ويتصل بهم هاتفياً في أية ساعة من الليل ويجدون في ذلك سعادة لهم.. أما الآن فقد تغير الحال، حتى بالنسبة لممثلات هوليوود الشهيرات اللواتي كن يحلمن (بجوني فونتان) المغني الساحر والرائع الذي كان يثير كل حبهن وشغفهن!!
عودة زوجته:
وسمع صرير المفتاح في قفل الباب، ودخلت زوجته ونظر إليها وهي غاية في الجمال، تقول له بعينيها البنفسجيتين وجسدها الرائع التكوين أشياء كثيرة... وتذكر جيداً أن جمالها كان أروع وهي تمثل على الشاشة، لقد كان ملايين الرجال يعشقون >مارغو أشتون< من بعيد ويتهافتون على رؤيتها في أفلامها المثيرة:
وسأل جوني زوجته في غيظ:
ـ من أين جئت؟
قالت بهدوء:
ـ من حيث كنت أمارس الحب!!
وأسرع يقبض على عنقها، ولم يكد يفعل حتى أسرته بجماله وأنوثتها الصارخة ولكنه جمع قبضة يده ليضربها فصاحت: حذار أن تضربني في وجهي، يا (جوني)، أنت تعرف أنني أمثل فيلماً!
فضربها على بطنها، ثم أتبع ذلك ضربات على ذراعيها وساقيها الرائعتين كأنهما الحرير الأبيض، وتحملت ضرباته ما دام لم يكسر لها سناً ولا تسبب لها بجرح في أذنها أو وجهها، وكانت ضرباته محتملة وكانت تضحك وهي مستلقية على أرض الغرفة وقد انحسر ثوبها عن أروع جسد، وأخذت تثير عواطفه الملتهبة قائلة: لا بأس، يا عزيزي جوني، خذني إليك، خذني وضاجعني كما تحب.. إن هذا هو ما يغيظك، افعل بي ما تشاء ومارس الحب معي فأنا لك الآن!!
ثم قفزت واقفة وهي تقول له متحدية:
ـ لم توجعني ضرباتك يا (جوني)، يا لك من حمار صغير.. إنك لا تريد أن تفهم شيئاً.. إنك تضربني على بطني بيدك.. إنك تمارس الحب كالأطفال.. أنت تضاجع باسترخاء ووهن تماماً كما تفعل وأنت تغني.. إنك أصبحت رخواً!!
وابتعدت عنه وذهبت إلى غرفتها وأغلقت الباب وراءها وتركته ملقى على أرض الغرفة لا يدري ماذا يصنع بعد أن كاد يفقد صوابه وبعد أن بدأ نجمه بالأفول، وابتعد عنه الأصدقاء، ولم تعد حتى زوجته تأبه به؟!

الضعف:
وفكر سريعاً، ورأى أن يستعين بأحد الكبار لانتشاله من السقوط والانحدار ولإعادته إلى مجده الفني المتألف الذي كان له في (هوليود)، واتصل هاتفياً بالمطار وحجز مقعداً له في طائرة مسافرة في الحال إلى (نيويورك) ليقابل رجلاً واحداً يستطيع أن ينقذه، عرابه >البادرينو< دون كورليون!!
>نازورين< الخباز الذي يكاد يشبه في انتفاخه وتكوره وقصره رغيفاً طازجاً أحمر من أرغفة الخبز الإيطالية، وقد غطى وجهه الدقيق، يصعد نظراته إلى زوجته وابنته ومعاونه >أنزو< الذي يلبس ثوب أسير حرب ويرتجف من الخوف إذا لم يصل في الساعة المقررة إلى جزيرة الحاكم، فهو واحد من آلاف الأسرى الإيطاليين الذين أطلقت أميركا سراحهم بقيود ليشاركوا في مجهودها الاقتصادي، وكان >نازورين< يصرخ في وجه >أنزو< غاضباً:
ـ قل لي أيها الشيطان، هل لوثت شرف عائلتي؟ وماذا فعلت لابنتي؟ إنك لا تريد أن تترك لنا طفلاً نتذكره، لقد انتهت الحرب، أيها اللعين، وسوف تقذفك أميركا بضربة على قفاك لتعيدك إلى قريتك البائسة في صقلية!
حب (أنزو) لـ (كاترين):
ووضع >أنزو< يده على صدره وهو يقول بذلة وانكسار:
ـ يا معلمي.. أقسم لك بالعذراء المقدسة أنني لم أحاول الإساءة إليك.. ولكني أحب ابنتك وأحترمها، وأطلب منك يدها على هذا الأساس وإذا أعادوني إلى إيطاليا فإنني لن أستطيع الرجوع إلى هنا، وبالتالي لن أستطيع الزواج من ابنتك كاثرين!!
وتدخلت زوجة >نازورين< مدافعة عن الشاب >أنزو< وقالت لزوجها:
ـ اسمع.. عليك أن تفعل كل شيء ليبقى >أنزو< هنا وإذا كنت تظن أنهم سيعيدونه إلى إيطاليا فأرسله إلى أقربائنا في >لونغ ايسلند< وهناك يخبئونه!
حب (كاترين):
كانت الابنة >كاترين< تبكي، إنها صبية سمينة بعض الشيء ولكنها مقبولة، وكانت تحب >أنزو< وتعرف أنها لن تجد زوجاً شاباً وجميلاً مثله، فهو يعرف كيف يثير كوامن حبها وكيف يداعب الأماكن الحساسة في جسدها الغض!!
زفاف ابنة العراب:
وكانت وهي تبكي تصرخ في وجه أبيها نازورين في عصبية ظاهرة قائلة:
ـ إنني سأهرب.. إذا لم تحتفظ بأنزو عندنا.. هل تسمع أنني سأذهب وألحق به إلى إيطاليا إذا عاد إليها!!
وكانت وهي تقول ذلك تلتصق بأنزو وهو يخرج الخبز من الفرن ليلقيه أمام معلمه، فعرف نازورين كم أن ابنته تحب هذا الشاب وتتمنى أن يلقي في فرنها هي رغيفه الطيب الحار!!
وفكر.. أن أحداً لا يستطيع أن يحقق بقاء (أنزو) في أميركا سوى العراب دون (كورليون)، ولا بد أن يحقق طلب زوجته وابنته ولا بد من أن يبقى (أنزو) في أميركا، ودون كورليون العراب هو الذي يكفل له ذلك!!!
هذه النماذج من الناس، نازورين الخباز وجوني فونتان المطرب، والنجم السينمائي وبوناسيرا متعهد دفن الموتى، وغيرهم من أصحاب المصالح والحاجات وعدد كبير من الأصدقاء والمريدين، تلقوا دعوة لحضور حفلة زفاف الآنسة >كونستانزيا< ابنة العراب الدون (كوريليون) التي ستقام مساء السبت الأخير من شهر آب 1945.
حفل الزفاف:
وكان العراب دون كورليون لا ينسى أصدقاءه وأتباعه وجيرانه القدامى، فدعاهم جميعاً إلى حفلة زفاف ابنته في بيته الكبير في >لونغ بيتش< وكان العراب يحرص على أن تجري الاحتفالات طوال ذلك اليوم، وأن يكون العرس رائعاً، لا سيما وقد انتهت الحرب مع اليابان، وزالت غمامة القلق التي كانت تسيطر على النفوس خوفاً من مصير الأبناء الذين انضموا إلى الجيوش المحاربة هناك، كذلك فإن العراب يعرف أن هذا الاحتفال الكبير سيكون الفرصة التي يحاول كل مدعو أن ينتهزها للتعبير عن فرحته وتقديره واحترامه له.
وفي ذلك اليوم المشهود، يوم الزفاف الكبير كانت قوافل المدعوين تغادر نيويورك إلى >لونغ بيتش< وهي تحمل أغلى هدايا الزواج لتقديمها عربون احترام ودليل محبة في حفلة زواج ابنة الدون العزيزة، وكانوا يحشرون ضمن هداياهم رزم الأوراق النقدية لإرضاء العراب وتقديم كل فروض الولاء والطاعة له، مرفقة بها بطاقة باسم كل ضيف ومدعو يقدم هديته ويحضر الاحتفال، ليعرف العراب قيمة هدية كل مدعو ويقدرها حق قدرها، فقد كان الدون كورليون رجلاً مهماً يطلب الجميع رضاءه وعونه ويلتمسون عنده مساعدتهم في أمورهم، وكان رغم كل شيء لا يخيب أمل واحد منهم، ولم يكن أبداً يعد ولا يفي أو يطلق وعداً كاذباً، فهو من هذه الناحية مستقيم وصادق جداً، وهمه الأول أن يأخذك صديقاً إلى جانبه، ولو لم يكن يعرفك من قبل، وعندما تلجأ إليه ليساعدك لم يكن ليتأخر أبداً ولو لم يكن يعرفك من قبل، وكل ما كان يطلبه منك مقابل إحسانه وخدمته لك أن تصبح مريداً وصديقاً صادقاً له يعتمد عليك، وكان يفرح كثيراً إذا قابلت إحسانه ولو بهدية رمزية كغالون نبيذ معتق أو سلة من أكلة مكسيكية طيبة تسمى (طامال) تزين مائدة الدون في عيد الميلاد، فهذه البادرة وأمثالها تدل على أنك مدين للعراب الكبير وأنك مستعد لتنفيذ كل ما يطلب منك من خدمات صغيرة!!
وقف الدون (كورليون) في يوم العرس المشهود أمام باب بيته الكبير في >لونغ بيتش< محاطاً بالاحترام والمهابة، يستقبل ضيوفه وكان يعرفهم جميعاً فهم موضع ثقته وأكثرهم يدين له بالنجاح وكانوا في فرحتهم المشوبة بالاحترام ينادونه وهم يتقدمون حالمين هداياهم، بالعراب.. وكان البيت الكبير يغص بالمدعوين والأهل والأصدقاء وأولاده وزوجته وصديقاتها اللواتي كن يحضرن الأطعمة الطيبة والموائد الحافلة، كل أولئك أضفوا على الاحتفال جواً من الروعة لا حد لها.
وكان الجميع أغنياء وفقراء، أقوياء وضعفاء، موضع حفاوة الدون (كورليون) وأولاده وخدمه وأقربائه ولم يكن ليهمل أحداً مهما كان شأنه، فالتواضع كان سمة من سماته، وكانت صيحات الإعجاب التي يطلقها ضيوفه عليه وهو في ثوبه >السموكن< الأنيق تدعو إلى الظن وكأنه العريس الجديد!
سانتينو وفريدي:
وكان يقف إلى جانبه عند باب المسكن الواسع اثنان من أولاده الثلاثة، وكان ولده الأكبر قد سماه يوم عماده >سانتينو< ولكن جميع الناس ينادونه >سوني< وكان الشيوخ من المدعوين الإيطاليين ينظرون إلى >سوني< في شيء من الحذر بينما الشبان ينظرون إليه في إعجاب، وكان (سوني كورليون) ينحدر من أب وأم إيطاليين، فالعراب دون (كوريليون) إيطالي جاء إلى أميركا وأصبح فيها رجلاً قوياً ومهماً جداً، وكان ابنه >سانتينو< كما كان العراب يحب أن يناديه دائماً، طويل القامة وكانت بنيته تشبه بنية ثور هائج يحب النزو دائماً، وكان كل شيء فيه يدل على شهوانية جامحة، حتى أنه كان يروي لأصدقائه من الشبان في كثير من الاعتزاز والغرور أن زوجته كانت تخشى من السرير الزوجي لقوته وشدة بأسه، وأنه قصد مرة سوق البغاء فلما اختار بغياً وشعرت بذكوريته، طالبته بمضاعفة الأجر مقابل مضاجعتها!!
وفي الاحتفال كان سوني أو سانتينو موضع إعجاب كثير من المدعوات والزوجات والصبايا وكن ينظرن إليه بنهم ورغبة، ولكن سوني كان لاهياً عنهن بوصيفة الشرف المرافقة لأخته العروس، كان يريدها بأي ثمن، وكانت تعرف ذلك جيداً، فسوني طوال الأسبوع الماضي حيث كانت تشرف على تنظيم وإعداد أخته العروس لهذا اليوم، كان كثير الملاحقة لها، وكانت الوصيفة وهي تدعى >لوسي مانسيني< رائعة فعلاً وكانت هذا الصباح، في الكنيسة حيث جرى إكليل أخته، قد شدت على يده وهي واقفة بجانب العروس وسوني قريب منهما، وكانت قد غازلته طوال الأسبوع، وهي لا شك معجبة به وبقوته وطوله الشامخ وعضوه الهائل، وإن كان حاد الطبع نزقاً يختلف كثيراً عن أبيه العراب الكبير المتواضع، مع أنه يملك القوة والشجاعة وكان سخياً ولكنه سيء التدبير لا ينتظر منه أن يكون خليفة العراب الكبير.
أما الأخ الأصغر الذي كان يقف مع أخيه الكبير إلى جانب أبيهما العراب وهم يستقبلون الضيوف ويتقبلون تهانيهم وينظرون إلى ما يحملون من الهدايا القيمة ويفكرون بما كانت تحويه من أوراق نقدية وأشياء قيمة، فهو >فريدريكو< أو كما ينادونه عادة فريدي أو فريدو! فقد كان شاباً وابناً طيباً يحبه جميع الإيطاليين ويرجون القديسين دائماً أن يمنحوهم ولداً مثله، وكان فريدو دائماً في خدمة أبيه وأمه في البيت الكبير لأنه أعزب رغم أنه قد تجاوز الثلاثين، وكان قصيراً وسميناً

ميخائيل المحارب:
ولم يكن جميلاً كأخيه سوني، غير أن رأسه الكوبيديني كان يشبه رأس أخيه تماماً، وكان فمه قاسياً كأنه مخلوق من حجر صلد، وليس من لحم طري، وكان يميل إلى التقشف في ملبسه، وكثير الالتصاق بأبيه العراب الكبير، وكان شديد الطاعة والامتثال له، ورغم ذلك لم يكن هو الآخر مهيئاً ليرث أعمال العائلة الكبيرة!!
أما الابن الثالث للعراب فقد كان جالساً بعيداً عن أبيه وأخويه، في زوايا من حديقة المنزل يرحب بالضيوف الذين ازدحمت بهم موائد الحديقة والردهات وصالونات البيت الكبير، وكانت بجانبه فتاة أميركية كان يقدمها للضيوف ولأهل على أنها صديقته التي كان يرشحها لتكون زوجته!
هذا الابن الثالث الأصغر من أبناء العراب هو الشاب ميخائيل الذي لم يكن العراب ليوليه كبير اهتمام وإن كان هو الابن المفضل لديه قبل ذلك، فهو حتى قيام الحرب كان يعد ميخائيل ليخلفه في الوقت المناسب ويتولى أعمال العائلة، وكان ميخائيل قد ورث عن أبيه الهدوء والروية والذكاء وينتزع كأبيه تماماً احترام الجميع، ولكنه عندما قامت الحرب العالمية الثانية التحق بقوات >المارتينيز< البحرية الأميركية، رغم إرادة أبيه الذي كان يرفض أن يجازف بابنه الصغير ليحارب في صفوف الأمة الأميركية التي تظل رغم كل شيء أجنبية عنه، وكان العراب قد أغرى أطباء وعقد كثيراً من الاتفاقات السرية مع المسؤولين حتى لا يذهب ابنه ميخائيل إلى الجندية ودفع غالياً من أجل هذه الغاية، ولكن ابنه الذي كان يومئذ في الثانية والعشرين كان عنيداً وأصر على الالتحاق بالجيش وحارب في الباسيفيك وأحرز التقدير والميداليات والترفيع وظهرت صورته في مجلة >لايف< وعددت مآثره في الحرب، حتى أن صديقاً للدون كورليون أطلعه على المجلة فدمدم العراب الكبير مستاءاً وقال: هذا اللعين يقوم بكل هذه المآثر من أجل خدمة أجانب عنا؟!
وعاد ميخائيل إلى منزل والديه في مطلع 1945 بعد أن أصيب بجرح جعله غير قادر مؤقتاً على الخدمة، ولم يشك أحد يومها أن عودته كان سببها مداخلات أبيه القوية والفعالة، ولم يكد ميخائيل يقيم أسابيع في بيت أبويه بعد أن عاد من الخدمة حتى غادره دون أن يأخذ الأذن من أحد، والتحق بكلية دارتموث في هانوفر بولاية >نيو هامبشاير< وها قد عاد الآن من الكلية ومعه هذه الفتاة الأميركية الناعمة النحيلة الشقراء ليحضر حفلة زفاف أخته وليقدم لأهله هذه الأميركية أو هذه الدمية الهزيلة الشاحبة!
حفلة أم مخالفة:
وكان ميخائيل وهو يجلس مع صديقته يحدثها عن أبيه وعن هؤلاء المدعوين ويقص عليها قصة أشخاص >الشركة< التي يديرها العراب، فكانت الفتاة >كاي أدامس< تفغر فمها من الدهشة لاكتشافها هذا العالم الغريب الذي يتحدث عنه ميخائيل عنه، وأخذ ميخائيل يشير وهو يتحدث، إلى جماعة من الرجال المجتمعين حول برميل نبيذ كبير، كان هناك >بوناسيرا< متعهد دفن الموتى و>نازورين< وأنطوني كوبولا ولوكا برازي ولفتت كاي نظر صديقها ميخائيل إلى أن هؤلاء الأشخاص رغم كل النبيذ الذي يشربونه لا تبدو عليهم السعادة فأكد ميخائيل صحة ملاحظتها وقال: نعم هذا صحيح إنهم ينتظرون مثل كثيرين غيرهم أن يستقبلهم أبي على انفراد، إنهم سيطلبون منه خدمات يؤديها لهم، فهو القادر على تحقيق طلباتهم وحل مشاكلهم!!
وفيما كان الدون كورليون ينهمك في استقبال ضيوفه، توقفت سيارة سوداء أمام الممر المشجر، وأخرج رجلان كانا يجلسان في المقعد الأمامي منها دفتراً أخذا يسجلان فيه أرقام سيارات الضيوف المتوقفة بجانب الممر، ونظر سوني الابن الأكبر للعراب قائلاً: لا بد أنهما من رجال الشرطة. فهز الأب الدون كتفيه وقال بغير اهتمام: بوسعهما أن يفعلا ما يريدان فالشارع ليس ملكي، واحمر وجه سوني من الغضب وقال: يا لهما من قذرين لا يحترمان المناسبة، وأسرع يهبط درج مدخل البيت حتى اقترب من السيارة وأخذ ينظر إلى السائق بغضب ففتح الرجل محفظته وعرض بطاقته الرسمية أمام سوني بلا مبالاة، فابتعد هذا الأخير ولم ينطق بكلمة، وبصق خلف السيارة وهو يعود إلى المكان الذي كان يقف فيه بجانب أبيه الدون وهو يقول: إنهم رجال وكالة الاستخبارات الأوباش، إنهم يسجلون أرقام سيارات الضيوف، ولكن الدون كان هادئاً كعادته لأنه تحسب لهذا الأمر فأوعز إلى جميع ضيوفه قبل الحفلة بأيام أن يحضروا في سيارات مستأجرة أو معارة، وهكذا كان!!
ضمير طماع:
وبدأت الجوقة الموسيقية تعزف ألحاناً راقصة وبدأ الاحتفال والرقص وازدحمت الحديقة بمئات المدعوين، بينما كانت ابنته العروس (كونستانزيا كورليون) جالسة أمام مائدة عالية تتصدر المكان وعريسها الشاب ووصيفتها الأولى لوسي من حولها بينما تحلق عدد كبير من المدعوين والوصيفات والفتيان حولها، فتشكلت منهم جميعاً لوحة إيطالية تمثل عرساً ريفياً قديماً لم تكن العروس ترتاح إليها ولكنها رضيت بها لتعوض عن الاستياء الذي سببته لأبيها الدون باختيارها لعريسها غير المقبول منه ولا المرغوب فيه، فكارلو ريزي العريس كان هجيناً، فإن أباه الصقلي كان قد تزوج بإيطالية من أهل الشمال، وكانت عائلته تعيش في النيفادا، وسافر إلى نيويورك حيث تعرف بابن الدون الأكبر سوني الذي قدمه لأخته فتعرف عليها وتحابا، ولم تكن كونستانزيا كورليون العروس جميلة أبداً، بل كانت هزيلة وحادة الطبع ومن المنتظر أن تصبح مع الأيام شرسة، ولكنها في الحفلة كانت متألقة وكانت تحلم بأن يأخذها عريسها كارلو القوي العضلات بين ذراعيه بعد أن ينتهي الحفل ويشبعها حباً بعد أن نفذ صبر بكارتها وأخذت تعد الدقائق للوصول إلى أقصى حالات السعادة والنشوة مع عريسها.
أما كارلو فكان يتناول قدح النبيذ ويعبه وهو ينظر إلى عروسه التي شغفها حباً، وكان يبدو وهو يتلاطف معها أنه عريس هزلي مضحك كما لم يحول نظره كثيراً عنها، والحقيقة أنه كان ينظر إلى كيس النقود الكبير، الذي كانت تعلقه العروس على كتفها اليمنى حيث كان الضيوف يملأونه بالأوراق النقدية المغلفة في ظروف كتب عليها أسماء أصحابها ليذكروا الدون بهم، وكان كارلو يعرف أن هذه الأوراق التي تتكدس في الكيس ليست سوى بداية طيبة، وأنه يصاهر اليوم عائلة ملوكية واسعة الثراء عظيمة الشأن؟!
الخباز نازورين والعراب:
أما لوسي الوصيفة الأولى فقد اشتاقت لسوني الابن الأكبر بعد أن غازلها طويلاً خلال الأسبوع الذي سبق العرس، ولم تكن لتصبر على فراقه أكثر، فقد تحركت رغبتها في أعماقها ولم تكن بريئة تبعد هذه المناظر عن ذهنها وأومأت إلى سوني، وقامت من مكانها وغابت في داخل البيت الكبير، ولحق بها حتى أدركها في الحمام ولم تكد تخرج حتى أمسك بها سوني وهو مهتاج كثور وصعد بها إلى إحدى الغرف، بينما كان الدون الكبير يدخل غرفة مكتبه ويتبعه >توم هاجن< سكرتيره الخاص وموضع ثقته من زمن طويل، وقدم له لائحة بأسماء الأشخاص الذين سيحظون بمقابلة الدون كورليون على انفراد، وحين قرأها الدون هز رأسه وقال لهاجن: ليكن بوناسيرا آخر من يقابلني، فخرج هاجن وسار نحو الضيوف وأومأ الخباز نازورين فهب مسرعاً فرحاً ومشى مع هاجن إلى حيث يقابل الدون ولم يكد يدخل حتى عانقه الدون بحرارة، فقد كان نازورين رفيق الطفولة وكانا معاً صديقين منذ كانا في إيطاليا، ولم تستطع السنوات الطويلة أن تفسد صداقتهما الحميمة، وكان نازورين في عيد الفصح من كل عام يتذكر صديقه الدون كورليون ويرسل إليه كمية من الكعك بالجبن، كما كان يرسل إليه في كل المناسبات الحلوى بالقشدة ليعبر بها عن تقديره ومحبته للدون، كما كان يدفع للدون الضريبة المقررة عليه لتعاونية الخبازين التي كان الدون قد أقامها في شبابه.
هذه العلاقة الوطيدة بينهما جعلت الخباز نازورين يتقدم من الدون كورليون بطلباته في ثقة ويتحدث إليه عن رغباته وحاجاته رأساً ودون غمغمة، وكان الدون يجد في هذه الدالة سعادة، فإنسانيته كانت تجعله يعرف كم يحتاج شخص إلى الشجاعة ليطلب منه العون والمساندة!!!
وتحدث نازورين عن ابنته ومعاونه (أنزو) وعن حبهما وكيف أن (أنزو) أسير حرب أطلق سراحه بعد أن نقل إلى أميركا مع أفواج الأسرى، والآن وقد انتهت الحرب سيعاد إلى إيطاليا، ولا بد أن ابنته تريد أن يبقى (أنزو) وأن يكون زوجها، والدون كوريليون، العراب الكبير هو الذي يستطيع إنقاذ ابنته وأنزو من الشقاء، وهو الذي يستطيع أن يضمن لأنزو البقاء ويحقق له ولابنته السعادة التي يحلمان بها، فابنته لا بد ستموت من الحزن إذا أعيد (أنزو) إلى إيطاليا.
وسمع نازورين الدون وهو يربت على كتفه ويقول له: لا تقلق، أيها الصديق القديم، ولا تشغل بالك بهذه المسألة بعد الآن.. كل شيء سيكون على ما يرام!
وطار نازورين فرحاً ولم يصدق ما يسمع.. والتفت الدون إلى صديقه واستأنف حديثه: سأشرح لك ما سنعمل... سوف يقدم أحد نواب دائرتنا طلباً إلى الكونغرس لمنح (أنزو) الجنسية الأميركية بموجب مشروع قانون يحال على اللجان المختصة لهذه الغاية، ولا أشك في نجاح المسعى فكل أعضاء الكونغرس من المتفاهمين معنا ويتبادلون خدمات من هذا النوع، وإن كلفنا ذلك مبلغ ألفي دولار ندفعها لهم وسأضمن القضية برمتها. وهز نازورين رأسه بالموافقة فهو لا يتوقع على كل حال أن يحصل لمعاونه (أنزو) على الجنسية الأميركية مجاناً، وأن عملاً من هذا القبيل في الكونغرس الأميركي لا يباع بأجر بسيط!!
وفرح الخباز صديق الدون القديم وأبدى استعداده لدفع كل ما يطلب منه لقاء هذه الخدمة العظيمة، وانصرف وهو يكاد يبكي من فرط الفرح والعرفان بجميل ما يصنع له الدون!!
وتعانقا بحرارة وانصرف الخباز نازورين شاكراً، وقال توم هاجن للدون وهو يبتسم: إن الخباز نازورين يوظف أمواله جيداً، فصهره معاون جيد لن يكلفه كثيراً. واستطرد قائلاً: لمن ينبغي في رأيكم يا سيدي أن نعهد بهذه العملية، فأجاب الدون: ربما كان أمامنا بعد الآن كثير من القضايا الشبيهة بهذه القضية فالحرب قد انتهت كما تعلم، ولذلك فإننا بحاجة إلى عملاء في واشنطن لإنجاز مثل هذه الأعمال دون أن ندفع دولار!
وكتب توم هاجن في مفكرته كما أمره الدون وطلب إليه أن لا يعتمد في حل قضية الخباز نازورين ومعاونه (أنزو) على عضو الكونغرس الأميركي وإنما على عضو آخر وهو اليهودي فيشر المعروف في الحي الآخر، إن كل ما يمكن عمله هو تغيير العناوين والاعتماد على العملاء والاستفادة من كل العمليات المماثلة.
العراب قافي الحاجات:
وأدخل هاجن الرجل الثاني الذي كان ينتظر في الحديقة إلى غرفة مكتب الدون، وكان يدعى أنطوني كوبولا، وكان أبوه زميلاً للدون في شبابهما حيث كانا يعملان في السكة الحديدية، ولم تكن قضيته سوى قضية بسيطة غاية في البساطة، فقد كان يريد أن يفتح مطعماً صغيراً يبيع فيه >البيتزا< وهو بحاجة إلى 500 دولار يقرضها إياها الدون كورليون ليستطيع أن يحقق غايته ويفتح مطعمه، فأسرع الدون في كثير من الأريحية وأخرج رزمة من الأوراق النقدية وألقى بها في يد أنطوني كوبولا وهو يربت على كتفه، ولما كانت تنقص مئة دولار عما طلب أشار الدون إلى توم هاجن ليدفع مائة دولار أخرى لأنطوني، وعاد الدون ليقول: أنت تعلم أن حفلة عرس ابنتي أوقعتني في عجز كما ترى؟!
كان توم هاجن ينظر بإعجاب عظيم إلى سيده الدون كورليون الذي يعرف كيف يضفي طابعاً مميزاً على مظاهر كرمه، وكيف أن أنطوني كوبولا شعر بفخر كبير أن يعطيه الدون ما طلب بمثل هذه السرعة ودون تردد، رغم أنه يعرف أن الدون كان مليونيراً كبيراً، ولكن أصحاب الملايين الذين يعطون فقيراً مثله قلائل جداً!!
وأشار الدون إلى توم هاجن بعد أن خرج كوبولا سعيداً غاية السعادة، ليدخل عليه الشخص الثالث، فقال هاجن: إن هذا الرجل الذي يلح على مقابلته ليس مسجلاً على لائحة الذين سيستقبلهم.. إنه >لوكا برازي< وهو يريد أن يقدم ولاءه وتهانيه على انفراد، فقال الدون في شيء من الضيق: وهل هذا ضروري الآن. فقال هاجن: بأن لوكا برازي كما تعلم رجل نافع ومن المناسب مقابلته، فوافق الدون ودخل >لوكا برازي< في سحنته الوحشية ولاحظت كاي أدامس صديقة ميخائيل الابن الأصغر للدون، أن شيئاً ما يحدث وهي لا تعرف مما يجري شيئاً، وكان ميخائيل يريد أن تطلع صديقته على حقيقة أعمال والده الدون، حتى لا تصدمها
العراب ولوكا برازي (القاتل):
الحقيقة عندما تطلع عليها في المستقبل، فقد كانت كاي تعتقد أن الدون رجل أعمال فهو في تصرفاته لا يبدو غير ذلك، وأراد ميخائيل أن يكشف لها بصورة غير مباشرة بعض أعمال والده الخطيرة، فشرح لها بأن لوكا برازي هذا الذي دخل لتوه على الدون، ليس إلا قاتلاً أجيراً غاية في الذكاء والقوة، فهو ينفذ ما ينتدب إليه من أعمال القتل لوحده بدون مساعدين ولا تستطيع الشرطة أن تقبض عليه ولا أن تقيم الأدلة على ارتكابه لأية جريمة قتل ينفذها، ولوكا برازي هو لذلك صديق الدون!
وبدأت كاي تفهم وتتعرف على حقيقة ما يجري في هذا البيت الكبير، وسألت ميخائيل متجاهلة: لا بد أنك تريد القول أن مثل هذا الرجل يعمل في خدمة أبيك!! فقال لها بصراحة: لقد حاول البعض قبل نحو خمسة عشر عاماً أن يستولوا على تجارة أبي وحاولوا أن يقتلوه، وكادوا ينجحون، فطاردهم لوكا برازي وقتل منهم خمسة رجال في مدى خمسة عشر يوماً، وسلمت بذلك تجارة زيت الزيتون التي كان يمارسها أبي من المنافسين والمشاغبين الخطرين!!
وارتعشت كاي قائلة: أنت تقصد أن اللصوص أصابوا أباك بجراح!! فابتسم ميخائيل قائلاً: لقد مضى الذي مضى ومنذ خمسة عشر عاماً سارت كل الأمور بلا تعقيدات!!
ولكزته كاي بمرفقها وقالت له: إنك تحاول أن تخيفني.. ومن الأجدر بك بدلاً من ذلك أن تقول لي بأنك غير راغب في الزواج مني!
وضحك ميخائيل ضحكة مغتصبة وقال: أبداً... إني أريد أن أخبرك بهذا كله حتى تفكري في الأمر قليلاً!! ثم سألته كاي: هل صحيح أن هذا الرجل، لوكا برازي، قتل ستة رجال في خمسة عشر يوماً؟! فأجاب ميخائيل: هذا ما قالته الصحف في حينه، ولم يقم عليه أي دليل، ومع ذلك فإن لهذا الرجل قصة خطيرة أخرى لم يشأ أحد أن يخبرني عنها وعندما سألت توم هاجن ذات يوم عنها قال لي مازحاً: عندما تصبح في سن المائة عام سأخبرك بقصته! ولا بد أنها قصة عجيبة... فهذا الرجل >لوكا برازي< يخاف منه الشيطان، وهو قصير القامة قوي البنية ضخم الرأس، ولا يكاد يظهر حتى تلح عليك الرغبة بأن تطلق إشارة الخطر بمجرد رؤيته ماثلاً أمامك، وإن حضور هذا الرجل دائماً كان بمثابة رفع علم القراصنة الأسود المعبر عن الفاجعة.. حتى ليبدو أن فمه فم ميت لصفرته وللتعبير القاسي الغليظ الذي يرسمه، وكان متفانياً إلى درجة العبادة في خدمة الدون كورليون الذي كان لوكا برازي بالنسبة إليه أحد الأركان القوية التي يعتمد عليها ويستند إليها باطمئنان في جميع أعماله! وكان لوكا هذا لا يخاف أحداً، لا الله ولا الشيطان ولا الناس من أمثاله، كان يحب فقط ويخاف الدون كورليون وحده دون سواه.
وعندما دخل لوكا برازي على الدون كورليون انحنى ووقف بعد ذلك وقفة الاحترام ثم مد يده إلى جيبه وأخرج مظروفاً محشواً بالنقود وقدمه هدية العرس للدون وهو يعبر عن فرحته بهذه المناسبة بطريقة خطابية.. متمنياً أن يكون حفيد الدون الأول ذكراً!!
كان الدون يعرف جيداً لماذا أراد أن يقدم له الهدية على انفراد، ولاحظ هاجن التغير الذي طرأ على تصرف سيده، فقد كان الدون يعامل لوكا برازي كما يعامل الملك أحد رعاياه، فلم يحاول أن يسايره بل كان شامخاً في معاملته ولكن كل كلمة من الدون كانت توحي بأنه يقدر هدية لوكا تقديراً كبيراً، كما أراد أن يشعره بأنه يعرف سبب ذلك كله!!
وقبل أن ينسحب لوكا من حضرة الدون قبل يده وانحنى باحترام ومضى خارجاً وودعه هاجن إلى الباب..
وتنهد الدون بارتياح كأن كابوساً ثقيلاً قد نزل عن كاهله، فهو يعرف أن لوكا برازي هذا عبوة ناسفة من الديناميت لا يمكن تجنب ضررها!
وقال لهاجن: لم يبق إلا بوناسيرا.. أليس كذلك، ولكن قبل أن تأتيني به أرجو أن تنادي على ابني سوني لأعرف كيف أوجه إليه الإرشادات التي يمكن أن يتربى بها!! وأسرع هاجن يبحث عن سوني في كل مكان حتى عرف أنه في الغرفة مع
لوسي الشرس:
لوسي مانسيني، فناده فخرج وتبعه إلى مكتب أبيه الدون، بعد أن كان قد اختلى بلوسي وانتهى منها وترك بين ساقيها وفي أحشائها آثاراً من السعادة واللذة. وكانت لوسي وهي تشده إليها تتعلق به وتصرخ من فرط ما كان يفعل بها لقوته وعضوه الهائل الذي سمعت عنه كثيراً من زوجة سوني بالذات، التي كانت كثيرة التندر بقدرة وضخامة عضو سوني، حتى أنها قالت ذات يوم للوسي: إنني عندما تزوجت سوني ورأيت حربته خفت كثيراً حتى أصبحت أحشائي بعد الزواج مثل قدر مملوء بالمعكرونة التي تغلي! إنه رجل هائل. وقد عرفت لوسي مغامرات عاطفية مع شبان وطلاب من الكلية وكانت كلها مغامرات باردة وفاشلة، فلما خرجت لتوها عائدة إلى مكان العروس وهي تخفي آثار العملية العاطفية الناجحة والقوية جداً، همست في أذن العروس: ستعرفين بعد ساعات معنى السعادة مع عريسك... ستعرفين كل شيء قريباً.. إنها سعادة عظيمة!!
كان سوني عندما خلا بلوسي قد صنع بها الأعاجيب، وكانت تصرخ من فرط القوة التي يقابلها بها سوني ومن شدة اللذة التي وجدتها معه، فقد وصلت إلى قمة السعادة، ونسيت كل شيء حولها ولم يعد يهمها سوى أن تتمتع أكبر قدر ممكن بهذه السعادة، وكان سوني أقوى من أي وقت وهو مع لوسي في تلك اللحظات، فلما دخل على أبيه الدون كانت آثار مغامراته الناجحة مع لوسي ما تزال ظاهرة في وجهه وعينيه وكل أنحاء جسمه المفتول القوي.
ولم تكن زوجته الموجودة في الحديقة مع سائر المدعوين قد تنبهت جيداً إلى ما فعله سوني ولوسي، وإلا لكانت قد حدثت فضيحة لأن هذه الزوجة الإيطالية غيورة جداً ولا تريد أن يشاركها لذة الحياة في زوجها أحد..
ولما دخل سوني على أبيه كان بوناسيرا أيضاً يدخل وبجانبه توم هاجن، فلم يحفل الدون بهذا الرجل متعهد دفن الموتى وإنما استقبله ببرود ولم يعانقه ولم يمد له يده ليصافحه، فقد كان بوناسيرا هذا فاقد الحظوة عند الدون رغم صداقة زوجته لزوجة الدون.

ماستر
ماستر
الكاتب المميز
الكاتب المميز

عدد المساهمات : 193
تاريخ التسجيل : 26/08/2010
العمر : 40
الموقع : حلب - سوريا

http://memo.201039@hotmail.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى